الموريتانيون بين حسن الخلق في البيت وسوئه في الشارع

من الإشكاليات التي تحيرني كثيرا إشكالية التوفيق بين شخصية الإنسان الموريتاني الوديع في بيته المضياف فيه،حيث أنك بمجرد دخولك لبيته لا ينشغل بشيء غير الترحيب بك والحرص على التوسيع عليك والاعتناء بك، والإنسان الموريتاني الموجود في الشارع، المضايق لك في الطريق ، الذي يمنعك حق المرور من أمام سيارته ويرفض أن يعتذر لك في حال اعتدائه عليك في الطريق إذا ما سدد لك لكزة أو لكمة غير مقصودة.
أعتقد أن علينا أن نفكر بطريقة جادة في حل مشكل “الخلق في الطريق” والشارع، فالإنسان الموريتاني فيما أعتقد يعاني من مشكلة تخلف فظيعة في تعاطيه مع الناس في الشارع ويمكن رصد جوانب من هذا المشكل في النقاط التالية:
1- البخل في إفساح الطريق: بحيث أنك لوحاولت قطع الطريق ووقفت دهرا فإن أحدا لن يوقف سيارته ليسمح لك بالمرور، بل إنه عندما يلاحظ استعدادط لاتخاذ مباردة من أجل المرور سعجل من سرعته لمضايقتك وعدم السماح لك. وعليه فإن الطريقة الوحيدة هي أن تضعه أمام الأمر الواقع، فتقفز أمام سيارته مغامرا كي يفسح لك الطريق للمرور، هذا بالنسبة للماشي على قدميه، لكن الذي يقود سيارة هو الآخر ليس أحسن حالا. فلو وقفت وطلبت الطريق عن طريق المؤشر الجانبي ووقفت دهرا فلن يفسح لك الطريق…بل سيتبارى القوم في حرمانك من حقك الشرعي في أخذ دورك. إنها مشكله “الاستبداد بالطرقات” التي  علينا  أن نفكر فيها بجدية و أن يحرص كل منا من على تحاشيها.
2- والله إني لأخجل عندما أرى أحد “النصارى” وهو داخل معمعة ” كرفور مدريد” أو في وغى ” بى أم د” أو قد أحيط به إحاطة السوار بالمعصم في “الرابع والعشرين” والمسكين يتصبب عرقا فاغرا فاه لا يعرف كيف يتقدم أو يتأخر ولا يجد من يرحمه. أخجل للمجتمع الذي أنتمي إليه من أن تكون هذه هي الصورة التي سيحتفظ بها الزائر لنا ضمن صور أخرى تضارعها قبحا وشناعة. وأذكر أني مرة سألت سائحا أمريكيا زار مصر، قلت له ما الذي بقي في ذاكرتك عندما تذكر “مصر”؟ فرد دون تردد قائلا : ” أتذكر كيف أن منبه السيارات يسمع طيلة الليل”!!
3- ليس المارة بأحسن حالامن أصحاب السيارات، بل هم معرضون لأنواع أخرى قد تكون أكثر شناعة،  فأنت عندما تسير في الشارع الموريتاني، لن تسلم من ” وكزة”  بمرفق مجاور لك في الطريق، أو لطمة من عربة قد أثقلها صحبها بمواد مؤذية، أو تردٍ في حفرة مملوءة بالأقذار والأنتان، وبين هذه السكرات سيضغط أحد سائقي مرسدس 190 على منبه سيارته حتى يخيل إليك أن القيامة قد قامت وأن قلبك الذي بين جنبيك قد طار!!! وإذا تشبثت بتلابيب أحد هؤلاء وطلبت منه الاعتذار  الاعتذار فإن الرد سيكون جاهزا: ” بيك القرب..أمالك ما اتحوز؟!!”
4- إن الوجه الحضاري لأي بلد ينبغي أن يتجلى أكثر ما يتجلى في طريقة تعامل أهله في الأماكنة العامة من طرق ومحلات تجارية، ومطارات، ومدارس. ولعمري إن تعاملنا في كل هذه لمن أسؤإ تعامل يمكن أن يكون في العالم!
5-  فالأماكن التجارية عندما تدخل على أصحابها يخيل إليك أنك جئت لتماطلهم بدين قديم: فالأوجه كالحة والعيون زائغة، والمنظر بائس!.  وقد تقف وتسأل عن البضاعة فيمنع لك الجواب، وهذا ما يسبب لي دائما أن أدخل في عراك لفظي معهم حين أطلب منهم أن “يقدسوا زبناءهم” وإلا فلن يشتروا من عندهم مرة أخرى، فيأتي الرد المضحك المبكي: ” هم وما أرادوا”.!!
وأخيرا وبكل صدق، لو لم أكن من أهل هذه البلاد وزرتها وسئلت عنها لوصفتها قائلا: ”  تلك بلاد يتميز أهلها داخل بيوتاتهم بالكرم والإيثار وإكرام الضيف والتواضع والخلق الجم،ويتميزون خارج تلك البيوت بأخلاق منكرة وعادات فاسدة، إذ أنه لا حظ لهم من الإيثار ولا التواضع بل شيمتهم هي “عدوانية الضعيف” و” تكبر الفقير”…هذه حقائقنا وحلها في الحديث عنها بهذه الصراحة لا في كتمانها والغصب من ذكرها. ولعلنا في مرات قادمة نتحدث عن “فساد الذوق الموريتاني”…للحديث بقية إن شاء الله

( السراج بتاريخ 10 مايو 2006)

رد واحد to “الموريتانيون بين حسن الخلق في البيت وسوئه في الشارع”

  1. اسواق اون لاين Says:

    جيد

أضف تعليق